جريمة مرتكبها هو ضحيتها ..
كُنتُ موظفاً في إحدى الدوائر , وكانت الغرفة التي فيها مكاتبنا في الطابق الخامس ,, وكان مكتبي قرب نافذةٍ تُطلّ على نهرٍ كبير يمر فوقهُ جسرٌ عالٍ .
وكنتُ في أوقات الفراغ أنظر من النافذة واستمتع بمنظر النهر ..
في احد الأيام لفت إنتباهي شاب عشريني كان يقف على الجسر وينظر إلى النهر .. والوقت حينها يقارب العاشرة صباحاً . فبدأتُ أراقبهُ , حتى صعد على سياج الجسر وقفز الى النهر ..لم أستوعب المشهد ,وبقيت أنظرُ مذهولاً لما يحدث .. بعد ان غطسَ خرج رافعاً يدهُ لِلَحظات , ثم غطسَ مرةً أخرى .., لكنهُ لم يخرج هذه المرة ..
فركضتُ وفتحتُ النافذة وبدأتُ أنادي على أحد العساكرا لذين كانوا في الأسفل .. واخبرته بما حدث , فإتصل بالشرطة النهرية .. ووصلت الشرطة النهرية خلال دقائق .. لكن الغريق قد إختفى ولم يعثروا عليه , حدث كل ذلك خلال عشر دقائق منذ ان كان على الجسر وحتى وصول الشرطة النهرية , وكانت هذه المرة الأولى التي أرى فيها مشهداً كهذا ..
ومع مرور الزمن صرنا نسمعُ كثيراً عن حالات الإنتحار . وبأساليب مختلفة ولأسباب أيضاً مختلفة ,
ماهو الإنتحار .
الانتحار هو قيام الشّخص بعمل ما يؤدّي بنفسه إلى الموت عمداً، من خلال طرق متنوعة مثل , تسمّم، أو شنق بالأسلحة النّاريّة، أو قفز من المرتفعات… الخ ، غير أن هناك محاولات تبوء بالفشل ومنها ما يؤدّي إلى الموت مباشرةً،
أسباب الانتحار ..
للإنتحار أسباب ومسببات . نأتي عليها باختصار .
الاضطرابات النّفسيّة: قد يعاني الفرد من أمراض نفسيّة تؤدّي به إلى الانتحار؛ كالهوس، والانفصام، والاضطراب الاكتئابيّ الحادّ، فدخول المريض حالة من الهستيريا يؤدّي به إلى اضطرابات المزاج، وبالتّالي الغضب الشّديد، ونهايةً الانتحار، كما أنّ الصّدمات قد تؤدّي بالأشخاص إلى مثل هذا العمل المشين.
إدمان المخدّرات وتعاطيها: تعتبر المخدّرات من مذهبات العقل التي تؤدّي بالإنسان إلى فعل كلّ ما لا يتقبّله العقل البشريّ السّليم، فمن الممكن لمدمن المخدّرات أن يمارس سلوكات ويقدم على أفعال وهو غير مدرك لها تحت تأثير المخدّر، كالقتل والاغتصاب والانتحار.
لعب القمار: وهي وسيلة للتّسلية باتّباع أسلوب الرّهان أي مقابل مبلغ من المال أو أيّ شرط يتوّجب تنفيذه من قبل الخاسر في الّلعبة، وتضع هذه الّلعبة لاعبيها تحت شروط صعبة التّنفيذ وبالتّالي من الممكن أن تؤدّي بهم إلى الانتحار، وقد حرّمها الإسلام حرمةً قطعيّةً.
الحالات النّفسيّة: تصيب بعض الأفراد حالات نفسيّة مزمنة تفقدهم الرّغبة في الحياة والمتعة بها، وتُشعرهم بالقلق الدّائم، وما يزيد من حدّة المشكلة هو القدرة المحدودة على السّيطرة على هذا المسبّب، ومن أبرز الأسباب التي تشكّل حالةً نفسيّةً للشّخص هي : الاعتداء الجنسيّ، و التّحرّش الجنسيّ، والتّفكّك الأسريّ، والبطالة.
الحد من ظاهرة الإنتحار .
للحد من هذه الظاهر هناك امور وخوطوات يمكن إتباعها للحد من هذه الظاهرة ..أهمها :
التربية والتنشئة السليمة: تعتبر الأسرة الّلبنة الأساسيّة والمحطة الأولى في المجتمع، هنا يبدأ الفرد باكتساب عاداته، وتكوين ذاته، وبناء أفكاره ومعتقداته، فإذا نشأ ببيئة صالحة كان فرداً صالحاً، أمّا إذا كانت البيئة سيّئة فإنّ ذلك ينعكس عليه وعلى مجتمعه مستقبلاً.
الوازع الدّينيّ: يعدّ الوازع الدّينيّ والخوف من الله تعالى والحرص على مرضاته سبباً قويّاً لردع المسلم عن الانتحار، وعن كلّ ما هو محرّم، فالمؤمن لا يفقد الثّقة بالله، وبحكمته، وعدله، ورحمته، فهو يعلم بأنّ بعد العسر يسرا، وبعد كلّ ضيق فرج. تعزيز روح التّفاؤل لدى الفرد.
الحدّ من العنف والمشاكل الأسرية: فالمشاكل الأسريّة تؤثّر سلباً على نفسيّة الطّفل وتكوين شخصيته ومن الممكن ان تولد لديه عقد مستقبلية قد تقوده الإنتحار .
القضاء على البطالة: توفير فرص عمل ووظائف للعاطلين يؤدّي إلى التّقليل الأفكار السلبية التي من الممكن ان تنتهي بالإنتحار ، لأن العمل يملأ أوقات الفراغ، ولا يكون هناك أيّ مجال أمام الشّباب للتّفكير بطريقة سلبيّة والإقدام على الانتحار، فبالعمل يشعر الإنسان بأنّه كائن منتج، فيشعر بالإنجاز.